أسلم مبدع ملحمة كأس العالم مكسيكو86 ، المدرب الأسبق للمنتخب الوطني المهدي فاريا، روحه إلى بارئها بعد مشوار حافل من الإنجازات الكروية، خاصة مع المنتخب الوطني وفريق الجيش الملكي .
و يعتبر فاريا ، الذي كان يحظى بتقدير كبير من قبل الحسن الثاني، من الأطر التقنية المتفوقة و الناجحة ، التي أشرفت على كرة القدم الوطنية، إلى جانب الفرنسي غي كليزو الذي يتقاسم معه عددا من الجوانب، منها ما هو وجداني كعشق المغرب والمغاربة والتطبع بطباعهم، ومنها ما هو رياضي صرف من خلال إشرافهما المزدوج على فريق الجيش الملكي والمنتخب الوطني المغربي لكرة القدم.
و يظل المهدي فاريا، البرازيلي الذي حصل على الجنسية المغربية، هرما كبيرا ،إذ أنه ساهم بشكل كبير في بلوغ الكرة المغربية الشهرة العالمية، و إن لم يتمكن من حيازة أي لقب مع المنتخب المغربي، إلا أنه عمل على بروز جيل ذهبي فاقت شهرته كل الحدود، ونال خلالها محمد التيمومي و بادو الزاكي الكرة الذهبية على التوالي في سنتي 1985 و1986.
و بدأ الراحل فاريا أو (خوسي فاريا قبل أن يشهر إسلامه)، المزداد في 26 أبريل 1933 بمدينة ، ريو دي جانيرو بالبرازيل، مسيرته الكروية بفريق فلومينينسي البرازيلي الذي لعب له لمدة طويلة وظل مخلصا لناديه الأصلي. وبعد اعتزاله اللعب دوليا ومحليا، دخل عالم التدريب في سن 45 سنة من خلال إشرافه على تدريب صغار ناديه الأصلي فلومينينسي لموسم واحد (1978-1979)...
غير أنه لم يكد ينه موسمه حتى إختار الهجرة للإشراف على تدريب نادي السد القطري خلال الفترة الممتدة من 1979 إلى غاية 1982، ثم تدريب منتخب قطر لأقل من 19 سنة لفترة وجيزة خلال سنة 1982 .
لكن المنعطف في مسيرة هذا المدرب المقتدر، بدأت حينما غير الوجهة نحو القارة الإفريقية، وبالضبط في إتجاه فريق الجيش الملكي خلال الفترة الممتدة من سنة 1983 إلى غاية 1989 ، حيث أحرزمعه على ألقاب عدة، منها البطولة الوطنية مرتين خلال سنتي 1984 و 1987 ، وكأس العرش ثلاث سنوات متتالية (1984- 1985- 1986) ثم كأس إفريقيا للأندية البطلة سنة 1985 ، وهو إنجاز غير مسبوق حققه هذا المدرب مع جيل ذهبي ضم بالخصوص التيمومي وخيري ولمريس ولغريسي وهيدامو واحسينة ودحان وشيشا وغيرهم، حيث كان الفريق العسكري أول ناد مغربي يتمكن من الظفر بهذه الكأس ويضع حدا لسيطرة الأندية المصرية على هذه المنافسات القارية في فترة الثمانينات.
مسيرته الناجحة مع الفريق العسكري ، قادته للإشراف على المنتخب الوطني منذ سنة 1983 مع البقاء في دكة احتياط الفريق العسكري ، إذ كانت أول محطة له الالعاب الأولمبية التي أقيمت في لوس أنجلوس بالولايات المتحدة الأمريكية سنة 1984 والتي تميزت بمشاركة رائعة اعتمد خلالها هذا المدرب القدير والمتواضع اللمسة البرازيلية التي تبقى أقرب الى الكرة المغربية المعتمدة بدورها على الفرجة.
كما ساهم الراحل في تأهيل “أسود الأطلس” للأدوار النهائية للكؤوس الإفريقية في عدة مناسبات، وإحراز المرتبة الرابعة في نهائيات كأسي إفريقيا بمصر 1986 وبالمغرب 1988 .
و يظل الإنجاز الأبرز للراحل المهدي فاريا رفقة “أسود الأطلس” هو التأهل إلى نهائيات كأس العالم التي أقيمت بالمكسيك سنة 1986 ، عندما تمكن المنتخب الوطني من إحراج فرق ذات صيت دولي كالمنتخب البولوني والإنجليزي، وتصدره لمجموعته بعد فوز كبير على منتخب البرتغال بحصة لا تقبل الجدل (3-1)، ليضمنوا تأهلهم للدور الثاني في سابقة عربية وإفريقية قبل أن ينهزموا بصعوبة وفي اللحظات الأخيرة من المباراة أمام منتخب ألماني تمكن من احتلال مركز الوصافة خلال المسابقة ذاتها.
وعاد الراحل إلى تدريب فريق الجيش الملكي من سنة 1990 إلى 1992 ، ثم أشرف بعد ذلك على تدريب فريق أولمبيك خريبكة موسم 1995/1994 ومن بعده المغرب التطواني، إلى أن اعتزل التدريب.
وتجدر الإشارة إلى أن الراحل إعتنق الديانة الإسلامية، كما سبق أن نال أوسمة ملكية سامية ، وقد عاش مراحل حياته الأخيرة أوضاعا صحية حرجة.
الاجئ الإقتصادي
- مواقع - بتصرف