اجتماع لجنة القطاعات الاجتماعية لمناقشة مواد مشروع القانون التنظيمي لممارسة حق الإضراب

 


بعد سنوات عديدة من التعثر، و من التشاور بين مكونات الحكومات و النقابات العمالية، يُنتظر أن تجتمع لجنة القطاعات الاجتماعية يوم الأربعاء 23 أكتوبر 2024 في تمام الساعة العاشرة والنصف صباحًا، للنظر و لمناقشة مواد مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 الذي يحدد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، بحضور يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولات الصغرى والتشغيل والكفاءات.

وكان المشروع قد أجل مدة طويلة تتعدى  أربع سنوات من تأجيل حكومة سعد الدين العثماني مناقشة هذا المشروع، حيث كان الاجتماع المخطط له في عام 2020 بحضور وزير الشغل والإدماج المهني آنذاك، محمد أمكراز، قد تأجل دون تحقيق أي تقدم يُذكر.

وهناك خلاف كبير في مشروع هيكلة و إصلاح قانون الإضراب، بين الحكومة والنقابات، التي سبق أن عبّرت عن رفضها القاطع لهذا المشروع.

 وقد رفضت أغلب النقابات الأكثر تمثيلية مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب، لأن المشروع تم إعداده بشكل فردي ودون مشاورات واسعة.

وترى النقابات أن هذا المشروع يتنافى مع الحقوق الدستورية التي تهدف إلى حماية ممارسة حق الإضراب وضمانه. كما اعتبرت أن المشروع مخالف للاتفاقية الدولية رقم 87 والمواثيق الدولية الأخرى ذات الصلة. و يجب إعادة النظر في يعض الفصول والقوانين، ومنها  الفصل 288 من القانون الجنائي الذي يُستخدم لمحاكمة النقابيين بتهمة عرقلة حرية العمل، مطالبة بالتصديق على الاتفاقية الدولية رقم 87 لتعزيز الحقوق النقابية


حق الإضراب هو من الحقوق الأساسية التي ظهرت نتيجة نضالات العمال عبر التاريخ لتحسين ظروف العمل وحماية مصالحهم الاقتصادية والاجتماعية. تطور هذا الحق تدريجيًا في مختلف الدول، وكان في البداية محظورًا، حيث كانت الإضرابات تعتبر غير قانونية وتواجه بالقمع. دعنا نستعرض أبرز المحطات التاريخية لتطور حق الإضراب:

1. أصول الحق (القرن الـ18 وأوائل القرن الـ19)

  • أوروبا: بدأت بوادر الإضراب في أوروبا خلال الثورة الصناعية في القرن الـ18، عندما شهدت الظروف الاقتصادية والاجتماعية تدهورًا كبيرًا للعمال. العمال في المصانع كانوا يعملون لساعات طويلة بأجور زهيدة وفي ظروف خطيرة.
  • فرنسا: كانت الإضرابات تُعتبر جريمة في فرنسا في بدايات القرن الـ19، لكن مع تطور الحركة العمالية والنضال المستمر، سُمح للعمال بتنظيم إضرابات قانونية في نهاية المطاف.
  • بريطانيا: في بريطانيا، صدر "قانون اتحاد العمال" عام 1824، الذي سمح بتكوين النقابات والقيام بالإضرابات، لكن بشروط وضوابط.

2. نمو الحركة النقابية (القرن الـ19)

  • تطورت النقابات العمالية خلال القرن الـ19 كأدوات رئيسية للدفاع عن حقوق العمال، ومعها نما حق الإضراب. النقابات بدأت بتنظيم إضرابات لتحقيق مطالب تتعلق بالأجور، وساعات العمل، وتحسين ظروف العمل.
  • مع الوقت، أصبحت الإضرابات جزءًا من التفاوض الجماعي بين العمال وأرباب العمل. في بعض الدول، تم الاعتراف تدريجيًا بالإضرابات كأداة قانونية لتحقيق المطالب العمالية.

3. الاعتراف القانوني (القرن الـ20)

  • بعد الحرب العالمية الأولى: ساعدت هذه الفترة على تعزيز مكانة حق الإضراب، حيث أصبحت حقوق العمال قضية اجتماعية وسياسية ملحة في العديد من الدول.
  • الاتفاقيات الدولية: في عام 1948، أصدرت منظمة العمل الدولية (ILO) "الاتفاقية رقم 87" المتعلقة بالحرية النقابية وحماية حق التنظيم. هذه الاتفاقية اعتبرت مرجعًا دوليًا لحق الإضراب وحرية النقابات في مختلف أنحاء العالم.

4. العالم العربي والمغرب

  • في العديد من الدول العربية، كان حق الإضراب ممنوعًا أو مقيدًا بشدة تحت الأنظمة الملكية أو الاستعمارية. بعد الاستقلال، بدأت بعض الدول بالاعتراف التدريجي بهذا الحق.
  • المغرب: نص الدستور المغربي لعام 1962 على حق الإضراب، وظل محميًا في الدساتير المتعاقبة. رغم ذلك، فإن ممارسة هذا الحق كانت دائمًا مرتبطة بقيود قانونية، حيث تم تنظيمه لاحقًا عبر تشريعات وقوانين تحدد كيفيات وشروط ممارسته.

5. التحديات والمستقبل

  • رغم الاعتراف الدولي الواسع بحق الإضراب، فإنه لا يزال يواجه تحديات كبيرة في بعض الدول، مثل القيود القانونية والتدخلات الحكومية التي تحد من قدرة العمال على استخدام هذا الحق. الكثير من الدول تربط ممارسة الإضراب بشروط صارمة، ويُجرم الإضراب في بعض الحالات، خاصة عندما يؤثر على القطاعات الحيوية مثل الصحة والتعليم والأمن.

بالمجمل، حق الإضراب هو حق مكتسب تطور عبر نضالات طويلة، وهو اليوم رمز للنضال من أجل حقوق العمال والعدالة الاجتماعية.

*

إرسال تعليق (0)
أحدث أقدم