تحذير من شتاء بارد بالمغرب و دول أخرى



تتوقع هيئات الأرصاد أن يكون الشتاء هذا العام أحد أبرد الفصول التي مرت بها الأرض خلال السنوات العشر الماضية، إذ تُظهر البيانات المناخية زيادة في عدد موجات البرد القوية المرتقبة وانخفاضات غير مسبوقة في درجات الحرارة.

وقد بدأت عدة بلدان بالفعل بتسجيل انخفاضات حرارية ملحوظة في هذه الفترة المبكرة من الشتاء، منها المغرب، مما أثار قلقاً حول تأثيرات واسعة على المناخ العالمي والاقتصادات المحلية، بجانب التحديات التي قد تواجهها الدول في تلبية متطلبات الطاقة والتدفئة.

أسباب انخفاض درجات الحرارة الاستثنائي

ترجع هذه التوقعات إلى عدة عوامل مناخية تسهم في انخفاض كبير في درجات الحرارة، أبرزها تأثير ظاهرة "النينيا" المتكررة، التي تؤدي إلى تغيرات مناخية متطرفة، بما في ذلك الجفاف في بعض المناطق وزيادة الهطول وموجات البرد في مناطق أخرى. كذلك، يؤدي التراجع المؤقت في مستويات الاحترار العالمي، الناتج عن تغييرات في التيارات المحيطية وحركة الرياح، إلى انتشار موجات البرد في مناطق واسعة تشمل أوروبا، آسيا، وأمريكا الشمالية.

ووفقاً للخبراء، من المتوقع أن تكون التغيرات في التيارات الهوائية القادمة من القطب الشمالي أكثر قوة هذا العام، مما يسمح بتدفق الهواء البارد نحو المناطق المنخفضة، وهو ما قد يتسبب في تزايد حدة موجات البرد وتسجيل انخفاضات كبيرة في درجات الحرارة.

تأثيرات موجات البرد على الدول حالياً

في أوروبا، سجلت دول مثل ألمانيا وفرنسا وبولندا انخفاضات ملحوظة في درجات الحرارة مؤخراً، مما دفع السكان لبدء استخدام التدفئة قبل المعتاد. وأدت هذه الظروف إلى زيادة الطلب على الطاقة وارتفاع استهلاك الغاز والكهرباء، مما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الطاقة ويزيد من الضغط على الحكومات في ظل أزمة الطاقة المستمرة.

شهد العالم خلال السنوات الأخيرة تغيرات مناخية ملحوظة أثّرت بشكل متزايد على مختلف مناطق الكوكب، حيث يتضح أن الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية الناتجة عنه قد أدت إلى تغيرات كبيرة في أنماط الطقس ودرجة الحرارة. ارتفاع درجات الحرارة العالمية بلغ مستويات قياسية، حيث سجلت بعض السنوات الماضية، مثل 2016 و2020، ضمن الأعلى حرارة في التاريخ الحديث.

عوامل تغير المناخ

التغيرات المناخية الحالية تعزى إلى عدة عوامل، منها:

  1. زيادة انبعاثات غازات الدفيئة: الانبعاثات الناجمة عن الأنشطة البشرية، مثل استخدام الوقود الأحفوري (الفحم، النفط، الغاز الطبيعي)، والزراعة، وقطع الأشجار، تزيد من تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون والميثان في الغلاف الجوي. هذه الغازات تؤدي إلى احتباس الحرارة داخل الغلاف الجوي وتساهم في رفع درجات الحرارة العالمية.

  2. الاحترار البحري: المحيطات تمتص حوالي 90% من الحرارة الناتجة عن الاحتباس الحراري، مما يسبب ارتفاع درجات حرارة المياه وزيادة مستوى سطح البحر بسبب ذوبان الجليد القطبي. هذا التأثير يؤدي إلى تغييرات في النظم البيئية البحرية، ويمهد الطريق لحدوث كوارث طبيعية كالأعاصير المدارية القوية.

  3. الظواهر الطبيعية المتطرفة: تصاعدت حدة الظواهر الجوية المتطرفة مثل موجات الحرارة، والأعاصير، والفيضانات، والجفاف، وهي تؤثر بشكل كبير على الزراعة، والموارد المائية، والصحة العامة. مثلًا، شهدت أوروبا والولايات المتحدة موجات حر قاسية في السنوات الأخيرة، بينما تعاني بعض دول إفريقيا وآسيا من الجفاف الشديد.

توقعات المناخ لعام 2024

التوقعات المناخية لعام 2024 تشير إلى استمرار الاتجاهات المتزايدة في ارتفاع درجات الحرارة وازدياد حدة الظواهر المناخية. بعض النقاط المتوقع أن تستمر أو تتزايد هي:

  1. احتمالات زيادة الحرارة العالمية: تتوقع النماذج المناخية أن يكون عام 2024 من بين السنوات الأكثر حرارة حتى الآن. قد تواصل درجات الحرارة الارتفاع، مما يعزز احتمالات تسجيل مستويات قياسية جديدة، خاصة في ظل تأثير ظاهرة "النينو" التي تسبب ارتفاعًا أكبر في درجات الحرارة.

  2. تزايد الظواهر الجوية المتطرفة: من المتوقع أن يستمر تصاعد الظواهر الجوية المتطرفة، مثل الأعاصير وموجات الجفاف. ظاهرة "النينو" قد تزيد من احتمالات حدوث موجات جفاف في بعض المناطق وموجات حر في مناطق أخرى. كما قد تحدث عواصف مطرية غزيرة تؤدي إلى فيضانات في المناطق الساحلية.

  3. التأثير على الزراعة والأمن الغذائي: التغيرات في أنماط الطقس قد تؤدي إلى مشاكل في المحاصيل الزراعية، مما يؤثر على الإنتاج الغذائي العالمي. من المتوقع أن تعاني مناطق واسعة من العالم من نقص المياه وتأثيرات سلبية على التربة، وهو ما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية.

  4. التأثير على الصحة العامة: ارتفاع الحرارة وزيادة التلوث قد يؤثران بشكل ملحوظ على صحة الإنسان، حيث تتوقع بعض الدراسات زيادة في الأمراض المرتبطة بالحرارة، مثل ضربات الشمس وأمراض الجهاز التنفسي.

  5. التكيف مع التغيرات المناخية: يواجه العالم تحديات متزايدة في التكيف مع هذه التغيرات، ويتطلب الأمر مزيدًا من الاستثمارات في الطاقة المتجددة، وتعزيز السياسات البيئية للحد من الانبعاثات.

الجهود الدولية لمواجهة التغير المناخي

يستمر المجتمع الدولي في بذل جهود للحد من تغير المناخ. يعتبر "اتفاق باريس" الإطار الرئيسي لهذه الجهود، حيث تهدف الدول إلى خفض الانبعاثات للوصول إلى حد أقصى لارتفاع درجات الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية. وعلى الرغم من هذا الهدف، إلا أن التحديات تظل قائمة، مع استمرار تزايد الانبعاثات في كثير من الدول، لا سيما تلك التي تعتمد بشكل كبير على الوقود الأحفوري.

عام 2024 قد يشهد استمرارية في الاتجاهات المناخية الحادة، مع توقعات بزيادة في درجات الحرارة العالمية وظواهر مناخية متطرفة تؤثر على مختلف جوانب الحياة البشرية والبيئية.

*

إرسال تعليق (0)
أحدث أقدم